أنا ونفسي

المقالات

مصطفى حمد

3/17/2025

فانا لست مقاتلا من اجل العالم.. بل من اجل نفسي.. من اجل من اريد ان أكون..
من اجل احلامي المدفونة بالحياة تحت وطأة الشك والخوف..
هناك معركة لا يراها أحد.. تدور رحاها في أهدأ زاوية من روحي..
ليس فيها أصوات.. ولا تسمع لها صفارات انذار.. ولا صليل سيوف.. ولا ازيز رصاص..
ولا يستطيع أحد ان يخوضها غيري..
لأنها معركة بين من انا ومن أكون.. انا ضد نفسي..
وهي من أصعب المعارك على الاطلاق..
اخرج منها في بعض الأيام وانا اشعر بالهزيمة.. وتسحق كل توقعاتي حتى قبل ان تبدأ..
احدد اهدافي.. واعد نفسي.. وأقول هذه المرة ستكون مختلفة..
ولكن، بطريقة ما ينتهي بي الامر واقفاً في نفس المكان..
متسائلاً عن مدى صعوبة المضي الى الامام؟!!
لماذا دائما عدوي الداخلي اقوى من أملي؟!!
ثقل الشك.
في هذه الحرب.. يكون شكي بنفسي هو أشرس اعدائي..
فهو لا يحتاج الى الصراخ حتى اسمعه.. بل بالهمس فقط يتسلل في شقوق ثقتي بنفسي..
ومع ذلك، يكون صوته صاخباً بما يكفي ليتردد صداه في انحاء قلبي وعقلي وروحي..
يخبرني باني لست كفءً.. وانني لا استحق.. ومهما حاولت جاهداً فلن اتغير ابداً..
فاصدق ذلك..
ولكن سماع هذه الشكوك ليس أصعب ما في هذه المعركة..
بل الأصعب انه يأتي مني انا..
ظلال الماضي.
انعكاس مخاوفي.. وندوب اخفاقاتي.. وتأنيب الحنث بوعودي لنفسي..
والمرعب أكثر.. ان الشخص الذي سبب لي كل هذه المعاناة هو من أحدق فيه في المرآة..
تزدهر الشكوك.. وتحتدم المعركة..
انا لا اناضل لأثبت نفسي للعالم.. بل لأؤمن بنفسي مرة أخرى..
اكافح كل ظلال الماضي.. الأخطاء.. الفشل.. الجروح.. التي تعيش معي كأنها جزء مني..
انا المرهق.
هذا مرهق للغاية..
فلا أحد يستطيع ان يختبر بدلا مني صعوبة محاربة نفسي..
الكل يتحدث عن التغلب على التحديات والعقبات من حولي.. وما تلقيه الحياة في دربي..
اما التغلب على تحدياتي الداخلية.. على من يعيش داخلي طوال حياتي..
فلن يخبرني أحد عن هذا..
ألم التحول.
ميدان المنافسة متعرج.. والطريق فوضوية.. مليئة بالبدايات والتوقفات..
مع كل لحظة انتصار.. لحظات من اليأس.. وكل خطوتان للأمام.. ثلاث خطوات للخلف..
اشعر بمرارة الخسارة.. وكأني لن اتحرر ممن كنت عليه..
ولكني اتعلم.. ان كل عثرة.. وكل سقطة.. وكل انتكاسة.. هي جولة من المعركة.. وان النمو مؤلم..
لا لكوني ضعيف.. بل لأنني انسلخ من جلد من لا ارغب في ان اكونه..
انه تحول مؤلم.. وغير مريح.. ومرعب.. واجباري..
فعلى الجانب الاخر من هذا الألم.. من يفترض ان اكونه..
نسختي التي أحب رغم الفشل.. انا المخطئ المسامح.. انا المستحق الحالم..
البقاء في الأعلى.
تمر بي أيام.. اشعر باني لن افوز ابداً.. وثقل شكوكي أكبر من تحملي..
تأتي عليّ صباحات.. خروجي من السرير مستحيلا.. وأصغر خطوات كتسلق جبل شاهق..
وأسهل ما يمكنني فعله.. الاستسلام لنفسي..
لكني لا افعل..
فانا وحدي من يعلم كيف وصلت الى هنا..
لم يسمع أحد حواري مع نفسي في أعماق الليل.. وبماذا وعدت نفسي.. وما يفترض عليّ فعله..
لم يرى أحد دموعي الصامتة.. وندوبي الخفية.. ومعارك قلبي الهادئة..
لقد مررت بكل هذا.. ولهذا..
ولكيلا اخسر الحرب بخسارة معركة.. عليّ الاستمرار..
فانا لست مقاتلا من اجل العالم.. بل من اجل نفسي.. من اجل من اريد ان أكون..
من اجل احلامي المدفونة بالحياة تحت وطأة الشك والخوف..
اقاتل من اجل ايماني بقدرتي على التغيير.. وقدرتي على الشفاء..
وان أكون كافٍ كما انا.. رغم أنى في خضم النمو دائما..
انتصاري انا.
في النهاية.. معركتي ليست الفوز او الخسارة.. بل شجاعتي كمقاتل.. في كل يوم وفي كل لحظة..
ان أؤمن بنفسي.. حتى عندما يخبرني العالم -او عقلي- بغير ذلك..
لان الحقيقة.. انني الوحيد الذي احتاج ان أكون أفضل منه في الامس..
فالارتقاء.. والنمو.. والفوز.. ان أكون من اريد ان أكونه..
انا ضد نفسي.. أعتى معاركي على الاطلاق..
والاهم فيها.. ان من ينتظرني.. هو من سأكون..
فيستحق كل دمعة.. وكل عثرة.. وكل لحظة شك..
انا من ينتظر ان أؤمن به واختاره..
لذا، سأستمر بالقتال.. والنهوض.. والنمو.. لأني استحق..